مع تسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة في تركيز الاهتمام الدولي على محنة الفلسطينيين، فإن البعض في كندا يضغطون على الحكومة لتقديم المساعدة.
لكن الخبراء يقولون إن كندا كافحت منذ فترة طويلة لإيجاد النهج الصحيح لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
وبرزت هذه القضية إلى الواجهة في وقت سابق من هذا الشهر، بعد أن حددت مذكرة استخباراتية إسرائيلية مسربة “كندا” كوجهة محتملة لإعادة التوطين الجماعي للفلسطينيين، وأثار احتمال حدوث نقل واسع النطاق إدانات من الجماعات الفلسطينية، وسارعت الحكومة الفيدرالية إلى رفض الاقتراح.
وقال وزير الهجرة مارك ميللر للصحفيين إن الفكرة “خيالية”، وأكد أن تركيز الحكومة في قطاع غزة، ينصب على “إخراج الكنديين”.
ولكن عندما سئل عن كيفية استجابة كندا لطلبات اللجوء المقدمة من الأفراد الفلسطينيين في المستقبل، تجنب السؤال.
وفي الشهر الماضي، تصدرت مجموعة من الفلسطينيين الذين يعيشون في كندا عناوين الأخبار عندما طلبوا من الحكومة الكندية فتح مسار لإعادة التوطين الإنساني للاجئين الفارين من غزة، وهو طلب ردده بعض المحامين والمدافعين عن اللاجئين، ولم يتم الإعلان عن مثل هذه الخطة.
وقال مايكل لينك، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: “قضية اللاجئين الفلسطينيين – بسبب أعدادها، وبسبب حساسية الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية – تظل أكبر أزمة لاجئين لم يتم حلها في العالم، وربما لها أكبر التداعيات السياسية الإقليمية والدولية”.
السياسات الكندية جعلت من الصعب على طالبي اللجوء الفلسطينيين القدوم إلى هنا
التحدي الأول هو الوصول إلى كندا: يعمل برنامج اللاجئين الكندي الذي يرعاه القطاع الخاص، مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتحديد اللاجئين في الخارج.
لكن نظام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يستبعد غالبية اللاجئين الفلسطينيين في أماكن مثل لبنان والأردن، حيث يعتبرون أنهم يقعون تحت حماية برنامج منفصل للأمم المتحدة، أو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وعندما سئل الوزير ميللر في وقت سابق من هذا الشهر عن إمكانية قيام الفلسطينيين الفارين من غزة بتقديم طلبات اللجوء الكندية، قال إن المسؤولين في كندا لم يفكروا بعد في هذا السؤال، وعند سؤاله عن مزيد من التفاصيل، أحال المتحدث باسم ميللر السؤال إلى إدارة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية.
وقالت Julie Lafortune المتحدثة باسم IRCC، بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، يتم النظر في كل طلب “على أساس كل حالة على حدة، مع الأخذ في الاعتبار نفس العوامل مثل أي متقدم آخر”، بما في ذلك ما إذا كانوا يتلقون بالفعل دعما من الأونروا، وأضافت أن المتقدمين الذين يتلقون دعما من بلدان أخرى أيضا “لن يكونوا مؤهلين عموما لإعادة التوطين”.
وهناك تعقيد آخر يتمثل في أن العديد من الفلسطينيين لا يريدون إعادة توطينهم: حيث يأمل الكثيرون في العودة ذات يوم إلى الأراضي التي عاشوا عليها أو عاش عليها أسلافهم قبل عام 1948.
وقال Rex Brynen، الأستاذ في جامعة ماكجيل والذي يدرس سياسات الشرق الأوسط: “إن إعادة التوطين مصطلح مشحون للغاية ومثير للجدل إلى حد كبير، ويُنظر إليه على أنه يساعد في التطهير العرقي”.
وأوضح Joshua Blum، وهو محامي لاجئين في تورنتو يعمل غالبا مع المجتمعات الفلسطينية، إنه بسبب ممارسات المفوضية المتمثلة في استبعاد لاجئي الأونروا، فإن الفلسطينيين الذين يقدمون طلبات اللجوء في كندا هم عادة أولئك الذين تمكنوا من الوصول فعليا إلى هنا، إما من خلال تأشيرة زيارة أو طالب أو عن طريق السفر من الولايات المتحدة..
وأكد Blum أن الأعداد التي يمكنها الوصول إلى كندا صغيرة جدا.
وقالت Anna Pape، المتحدثة باسم مجلس الهجرة واللاجئين، إنه منذ عام 2018 حتى سبتمبر من هذا العام، تمت إحالة حوالي 3400 حالة فلسطينية إلى مجلس الهجرة واللاجئين الكندي، وخلال هذه الفترة نفسها، تم قبول 79% من طلبات اللجوء المقدمة من الفلسطينيين.
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ متوسط معدل قبول طلبات اللجوء في كندا 78%.
ولكن يعتقد Blum أن كندا تجعل من الصعب على الفلسطينيين الحصول على اللجوء لديها.
وقال Blum إنه في كثير من الأحيان، يتم رفض المطالبات على أساس عدم المقبولية – وهو معيار يهدف إلى تصفية الأشخاص الذين لهم علاقات بالمنظمات الإجرامية أو الجماعات الإرهـابـيـة.
وأضاف أنه رأى أشخاصا يتم رفضهم بسبب علاقاتهم الضعيفة بالمنظمات التي تعتبر مشبوهة، أو لوجود علاقات، على سبيل المثال، مع حركة فتح.
وأشار أيضا إلى “الوضع المروع والخسائر الفادحة في الأرواح في غزة” خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما أشار إلى أن كندا وضعت برامج إعادة التوطين الطارئة في الماضي للاجئين من سوريا وأفغانستان.
وقال: “بالنسبة للفلسطينيين الذين يريدون الاستقرار في كندا والوصول إلى الأمان، من السهل جدا وضع سياسة أو آلية طوارئ”.
وأضاف “إن مجرد عدم منح اللجوء لأولئك الذين يريدون حقا الخروج يمكن أن يؤدي إلى الانطباع بأن حياة بعض الناس أقل قيمة من حياة الآخرين”.