Canada - كنداTop Slider

كندا تزداد فقرا مقارنة بنظيراتها من الدول الغنية و جارتها الأمريكية

كندا من بين أغنى دول العالم – ولكن عند مقارنتها بدول مماثلة مثل أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، فهي ليست غنية كما كانت في السابق.

وفقا للأرقام التي نشرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الفجوة في الثروة بين كندا والولايات المتحدة اتسعت.

ولقد أدى النمو الاقتصادي الضعيف نسبيا في كندا، إلى جانب طفرة سكانية، إلى تقويض مكانتها بين الدول الغنية.

 

 

وتُظهر بيانات الإحصاء الكندية الأخيرة السبب: ينمو اقتصاد كندا بشكل عام ولكن بمعدل مخيب للآمال نسبيا مقارنة بنمو السكان.

فقد أضافت البلاد ما يقرب من 1.3 مليون شخص العام الماضي – بزيادة قدرها 3.2 في المئة – بينما نما الاقتصاد بنسبة 1.1 في المئة فقط في نفس الفترة الزمنية.

وفي المقابل هناك أخبار جيدة، إذ تُظهر البيانات أن الأرباح الأسبوعية الحقيقية – راتب الشخص الصافي – قد زادت بالفعل في كندا، حتى عند احتساب التضخم، كما ارتفع معدل ادخار الأسر.

وقد يكون هناك بعض التحسن في الأفق؛ من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي في كندا إلى 1.3 في المئة في عام 2024 و2.4 في المئة في العام التالي، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.

ويمكن قياس ثروة أي دولة بقسمة حجم اقتصادها على عدد الأشخاص الذين يعيشون فيها، وبُعرف هذا في الدوائر الاقتصادية باسم “الناتج المحلي الإجمالي للفرد” وهو مؤشر مهم لمستويات المعيشة.

والناتج المحلي الإجمالي، هو القيمة الإجمالية للسلع المنتجة والخدمات المقدمة في بلد ما في عام معين.

وعلى أساس نصيب الفرد، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المئة في الربع الثاني من هذا العام – وهو الانخفاض الفصلي الخامس على التوالي.

نائب سابق في بنك كندا: “نحن نصبح أكثر فقرا”

شغل بول بودري منصب نائب محافظ بنك كندا من عام 2019 إلى عام 2023 وهو الآن أستاذ في كلية فانكوفر للاقتصاد في جامعة بريتش كولومبيا.

وقال بودري: “بالنسبة للدول الأخرى، نحن نصبح أكثر فقرا، وهذا ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل إنه بالنسبة للعديد من الدول الأخرى، فنحن في المجموعة المتأخرة”.

وإن ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يعني أن هناك المزيد من الثروة المتاحة للجميع – بما في ذلك الحكومات، التي يمكنها جمع المزيد من عائدات الضرائب من الاقتصاد المتنامي دون زيادة الضرائب بالضرورة.

وأضاف بودري: “إن نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يسمح لنا بأن نكون أكثر ثراء وأن نتمتع بكل الأشياء التي نريد المزيد منها، مثل الخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليم، ونحن نتخلف عن الركب”.

وكانت الولايات المتحدة أكثر ثراء من كندا لفترة طويلة.

ففي عام 2002، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كندا حوالي 80 في المئة مما تولده الولايات المتحدة – على الرغم من أن الكثير من ثروة ذلك البلد تتركز في أيدي عدد صغير نسبيا من الناس.

ولكن بحلول عام 2022، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كندا 72 في المئة فقط من نصيب الفرد في جارتها إلى الجنوب، وهو انخفاض يعني أن الولايات المتحدة تتمتع بميزة أكبر على كندا عندما يتعلق الأمر بمستويات المعيشة.

وكما قال تريفور تومبي، أستاذ الاقتصاد في جامعة كالجاري “إن الفجوة بيننا وبين الولايات المتحدة ليست كبيرة اليوم فحسب، بل إنها تتسع بوتيرة لم نشهدها منذ أجيال”.

وبسبب عدم مواكبة كندا للوتيرة، فقد تبدأ الهجرة إلى الولايات المتحدة في التسارع، كما قال لاري شيمبري، زميل بارز في معهد فريزر ونائب محافظ بنك كندا السابق.

وأكد: “مع اتساع هذه الفجوة، أصبح لدى المزيد والمزيد من الكنديين حافز للانتقال إلى الولايات المتحدة من أجل فرص اقتصادية أفضل ومستوى معيشة أعلى”، مضيفا أن الأطباء والعاملين في مجال التكنولوجيا قد يكونون من بين أوائل من يذهبون.

وعلى مدى العقدين الماضيين، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كندا أعلى من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لأكثر 30 دولة تقدما في العالم.

“لا نريد أن نصبح أرجنتينا أخرى”

في عام 2002، كان نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي الكندي أعلى بنسبة 8.6 في المئة من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – وهي نقطة فخر تعني أن كندا كانت تتفوق على الاقتصادات المتقدمة الأخرى.

ولكن وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي جمعها شيمبري ومعهد فريزر، فإن هذا تغير في عام 2022 حيث انخفض نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي الكندي إلى ما دون المتوسط.

وعند 46035 دولارا أمريكيا للفرد، احتلت كندا مرتبة أقل بقليل من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 46266 دولارا أمريكيا في عام 2022.

وقال بودري “لا أعتقد أننا نريد أن نرى مستقبلا لكندا حيث نتخلف عن كل هذه البلدان الأخرى ونصبح أكثر فقرا بمرور الوقت”.

وقال، في إشارة إلى بلد كان غنيا ذات يوم وأسيء إدارته لعقود من الزمن وأصبح الآن قوة اقتصادية متوسطة: “لا نريد أن نصبح أرجنتينا أخرى، لهذا السبب يتعين علينا أن نقلق بشأن هذا الأمر”.

ومن الجدير بالذكر أن كندا تراجعت أمام دول مماثلة مثل أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة.

وكانت كندا وأستراليا على قدم المساواة في الثراء في عام 2002، ولكن اليوم، أصبحت أستراليا أكثر ثراء.

فقد كان نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي في كندا متطابقا تقريبا مع نصيب الفرد في أستراليا في عام 2002، ولكنه انخفض إلى 96.6 في المئة من نصيب الفرد في أستراليا بحلول عام 2014 وإلى 91.2 في المئة بحلول عام 2022.

وتتمتع كندا بنصيب فرد في الناتج المحلي الإجمالي أعلى من نصيب الفرد في نيوزيلندا، لكن هذه الدولة عملت على زيادة نصيب الفرد، كما فعلت المملكة المتحدة الشيء نفسه، على الرغم من الصدمة الاقتصادية التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاضطرابات الأخرى.

وأوضح تومبي أن الفجوة بين كندا والدول المتقدمة الأخرى غير الأمريكية هي سبب خاص للقلق.

وقال: “إنها ليست مجرد قصة نجاح أمريكية فريدة من نوعها، بل إنها في الحقيقة قصة عن تأخر الاقتصاد الكندي عن المكان الذي نود أن يكون فيه”.

مستشار رئيس الوزراء السابق: أرقام الناتج المحلي الإجمالي “مضللة نوعا ما”

قال تايلر ميريديث المستشار السابق لترودو والذي ساعد في صياغة السياسة المالية والاقتصادية للحكومة، إن أرقام نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي المتراجعة “مضللة نوعا ما” لأنها كانت منحرفة للغاية بسبب النمو السكاني الهائل في السنوات الأخيرة.

وأشار إلى أن الحكومة الليبرالية التي كان يعمل لديها “سمحت بدخول عدد كبير جدا من العمال الأجانب المؤقتين”.

وأضاف “نحن بحاجة إلى هجرة مؤقتة أقل، ونحن بحاجة إلى عدد أقل من الطلاب الأجانب وربما عدد أقل من العمال الأجانب في الفئات ذات المهارات المنخفضة”.

ولكنه أشار إلى البيانات التي تظهر أن الأجر الصافي قد زاد، حتى عند احتساب التضخم، كما ارتفع معدل ادخار الأسر حيث أن المزيد من الناس لديهم أموال مدخرات بفضل الأجور الأعلى.

وقال ميريديث إن الكنديين ما زالوا في وضع جيد، حتى لو كان النمو الاقتصادي “ضعيفا” وارتفعت معدلات البطالة.

كيف يمكن لكندا أن تغير الأمور؟

أوضح بودري أنه لا يوجد سبب واحد رئيسي يفسر لماذا تأخرت كندا.

ونوّه إلى أن سياسة الهجرة المتساهلة في كندا في فترة ما بعد كورونا كانت عبئا على الرخاء الجماعي.

وأفاد أن كندا “مثقلة” بالوافدين الجدد ومن الصعب دمج الكثير من الناس – وخاصة العمال ذوي الأجور المنخفضة والمهارات المنخفضة – في الاقتصاد في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن.

وحدد التقرير النقدي الأخير لبنك كندا معدل البطالة بين المهاجرين بنحو 12 في المئة – وهو أعلى بكثير من المعدل الإجمالي.

وقال بودري إنه إذا نجحت كندا في كبح جماح عدد الوافدين الجدد، فسيكون هناك بعض التحسن قصير الأجل في أرقام نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي – لكنه لن يعالج بالضرورة العوامل الأخرى التي تسببت في انزلاق كندا على مدى السنوات العشرين الماضية.

وأشار إلى أن كندا لديها ثقافة شركات ضعيفة حيث المنافسة غير موجودة تقريبا في بعض القطاعات الحيوية وتنفق الشركات الكبرى أقل على التكنولوجيا ورفع مستوى مهارات العمال – وهما شيئان يمكن أن يعززا الإنتاجية والثروة الوطنية.

وقال شيمبري إن كندا تعاني أيضا من حواجز تجارية طويلة الأمد بين المقاطعات.

وأكد شيمبري أن الحكومة الفيدرالية تحتاج أيضا إلى التركيز بشكل أقل على إعادة توزيع الثروة التي لدينا بالفعل والمزيد على النمو، وقال إن الحوافز الضريبية للاحتفاظ بالعمال ذوي المهارات العالية في كندا ستساعد أيضا.

وأضاف تومبي أن التحرك الأخير للحكومة الفيدرالية لزيادة معدل إدراج مكاسب رأس المال لديه القدرة على جعل الناس والشركات تستثمر أقل مما يفعلون الآن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى