كتب غسان ريفي في “سفير الشمال“: لا استشارات نيابية في المدى المنظور، ما يعني ان المشاورات السياسية التي تجريها الاطراف المعنية بالتكليف معطوفة على الحركة الفرنسية المتمثلة بمشاورات الرئيس ايمانويل ماكرون ستطول في ظل عدم التوافق على اسم محدد لترؤس الحكومة العتيدة التي من المفترض ان يحدد دورها ووظيفتها اسم رئيسها.
تشير المعطيات الى ان تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة ينتظر ثلاثة محطات اساسية هي:
اولا: زيارة المبعوث الاميركي ديفيد هيل والتي تبدأ صباح غد الجمعة وتحمل حتما رسائل اميركية عدة من ترسيم الحدود الى اسم المرشح لتشكيل الحكومة.
ثانيا: زيارة الموفد الفرنسي الذي سيحمل التصور النهائي للرئيس ماكرون تجاه الحكومة رئيسا ووظيفة.
ثالثا: النطق بالحكم من قبل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما يمكن ان تحمله من تداعيات على المستوى الشعبي.
وبانتظار تجاوز هذه المحطات، على وقع الغضب الشعبي المتنامي على زلزال بيروت والذي تضاعف امس بفعل المحاصصة السياسية على المحقق العدلي في هذه القضية، ما يؤكد ان كل الدماء والدمار والخراب والشهداء والجرحى والمفقودين والمشردين لم يبدلوا من السلوك السياسي شيئا حيث يسعى كل فريق الى تسمية محقق عدلي محسوب عليه، ما يجعل المتضررين وبعض التيارات والاحزاب يتمسكون اكثر بالتحقيق الدولي.
في حصيلة المشاورات التي انطلقت مع استقالة حكومة حسان دياب تبين ان الآية السياسية انقلبت، فبات سعد الحريري مرشح الثنائي الشيعي (امل وحزب الله) وحلفائهما في قوى 8 آذار وبدعم فرنسي، في حين ان مكونات 14 آذار تضع فيتو واضح على الحريري، حيث حرص وليد جنبلاط على عدم تسمية احد اثر لقائه مع الرئيس نبيه بري، كما بدا سمير جعجع واضحا في طرحه بعدم تسمية الحريري من خلال مطالبته بحكومة حيادية جديدة تلبي تطلعات الشارع وذلك انسجاما مع الموقف الاميركي الذي يؤكد ان اميركا تدعم اي حكومة تعكس ارادة الشعب وفي ذلك اشارة الى السفير نواف سلام.
اما التيار الوطني الحر فيبدو ان رئيسه جبران باسيل يعمل على مقايضة الحريري، فاما ان يسميه ويدخل معه الى الحكومة، او ان يسمي نواف سلام انطلاقا من مبدأ “النكاية” ولو ازعج ذلك الثنائي الشيعي الذي ابلغ الرئيس الفرنسي ماكرون رفضه تسمية سلام.
تقول مصادر سياسية مطلعة ان الحريري ما يزال متمسكا بشروطه لجهة تشكيل حكومة تشبهه من مستقلين وبدون جبران باسيل وبصلاحيات استثنائية، في وقت تسعى فيه تيارات 14 آذار الى ارضاء الشارع بطرح حكومة حيادية كتعويض عن الاستقالة من مجلس النواب، ما يعني ان الامور تتجه الى مزيد من التعقيد.
هذا الواقع يطرح سلسلة تساؤلات ابرزها: هل يعيد الرئيس الحريري الكرّة في طرح البدائل بهدف احراقهم؟ وهل يرفض للمرة الثانية “لبن العصفور” من قبل الثنائي الشيعي لترؤس الحكومة؟، وكيف يمكن تسويق نواف سلام من قبل المتحمسين له في ظل الرفض المطلق لقوى 8 آذار له؟، وهل ينتهي المطاف بازاحة الرجلين وتكليف شخصية توافقية قادرة على الانقاذ والاصلاح والنأي بلبنان عن صراعات المنطقة بدعم عربي ودولي، خصوصا ان الرئيس نبيه بري “خبط يده على صدره” مؤكدا ان الحكومة ستبصر النور قبل ايلول المقبل.