*بقلم: محمد هشام خليفة / وندسور – كندا
مضت أشهر طوال منذ أن حل وباء كورونا ضيفا ثقيلا على حياتنا فأحدث فيها تغيرات جذرية بالإضافة إلى حالة الهلع التي عاشتها العديد من العائلات خوفا من هذا الوباء الغريب المبهم .
و كان أشد وطأة و إيلاما على من أصابهم بشكل مباشر فمنهم من تعافى بعد صراع مضن معه و منهم من هزمه هذا الوباء.
كل هذه السلبية و ما ترافق معها من شلل في الإقتصاد و تقييد للحريات إلا أننا اليوم و مع تناقص عدد حالات الإصابات سنذكر النصف الممتلئ من كوب كورونا المر .
فرغم الضائقة التي مررنا بها ولا نزال نعاني من تبعاتها إلا أننا لمسنا بعض الإيجابيات و منها أننا نعيش في بلد سخرت حكومته كل طاقاتها من أجل ضمان صحة المواطن و حرصت على أن تقدم له المعونات اللازمة من خلال برامج طارئة إستفاد منها الصغير و الكبير و هذه الإيجابية انعدمت في الكثير من الدول و بخاصة دولنا العربية , كما لمسنا التعاضد الإجتماعي بين مكونات المجتمع وخير دليل الأعمال التطوعية الكثيرة التي شهدناها .
و من الإيجابيات أيضا فإن الحجر الصحي العالمي أعاد إلى البيئة بعض توازنها. فتراجعت حدة التلوث عبر العالم وانحسر حجم غاز الدفيئة في الغلاف الجوي.
أما على المستوى الفردي، وبحسب علماء النفس، فإنّ الوباء ، أسهم في انكشاف مسائل حياتية تفصيلية كانت قد أضحت مهملة من قبل الجميع.
فالعزل أو الحجر أعاد إلى البطء في العيش قيمته بعدما باتت الحياة اليومية للأفراد تسير بوتيرة سريعة تدخلهم في دوامات الكآبة. عدا عن تحوّل في معنى علاقتهم بالطبيعة والحياة، فقد أعاد العزل المنزلي إلى الطبيعة الخارجية بترابها وشجرها وسمائها قيمتها التي كاد إسمنت المدن وهوس العمل يخفيها نهائياً، ثم أعطى للحياة معنى أقوى لدى العائلات التي زاد الترابط فيما بينهم ، وانتشرت طرائف كثيرة عن طلب الزوج الزواج من زوجته بعدما تعرّف إليها خلال الحجر أو إعجاب الأم والأب بأولادهما وذكائهم وهواياتهم خلال الحجر وكأنهم كانوا غرباء عنهما قبله.
ومن أهم هذه الإيجابيات خاصة بعدما أوصدت دور العبادة أبوابها شعر الفرد منا بحجم التقصير و بأن الحياة اليومية التي كان يعيشها قد أبعدته عن خالقه فأعاد ترتيب أولوياته.
و اليوم و مع عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا أسأل الله أن يتم علينا نعمه و أن يبعد عنا كل بلاء و وباء آمين .