Canada - كنداTop Slider

المعلومات الأساسية التي ينبغي للقارئ العربي معرفتها عن كندا ( 9 )

تنشر “الحقيقة كندا ” على حلقات متتابعة المعلومات الأساسية التي ينبغي للقارئ العربي معرفتها عن كندا.

الشرعة الكندية للحقوق والحريات

في 17 نيسان (أبريل) 1982، أعلنت الملكة إليزابيت الثانية قانون عام 1982 حول كندا ما يعني وضع حد لسلطة البرلمان البريطاني في تعديل الدستور الكندي. وهذا يعني بالمختصر أن كندا استعادت دستورها. وأبرز مواصفات هذا القانون أن كندا ضمنت دستورها الشرعة الكندية للحقوق والحريات.

ومع هذه الشرعة فإن المبادئ الأساسية التي تستند إليها حقوق وحريات الكنديين وفي مقدمتها الحرية والديمقراطية تكون قد حصلت على وضع دستوري.

ومع تضمين الدستور الكندي للشرعة فإنها أصبحت في الواقع متفوقة على جميع القوانين الأخرى.

تطور طويل المدى

ضمن مجموعة نصوص نشرت في عام 1996 تحت عنوان الشرعة الكندية للحقوق والحريات ذكّر القاضي السابق في المحكمة الكندية العليا بريان ديكسون بأن تضمين الدستور الشرعة الكندية للحقوق والحريات كان نتيجة تطور طويل المدى.

وبدأت هذه المسيرة مع اعتماد قانون أميركا الشمالية البريطانية وتسارعت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ومع الإعلان العالمي للحقوق عام 1948 ومختلف الاتفاقيات الدولية.

وفي عام 1960 وافقت الحكومة الكندية بزعامة جون ديفنبيكر على الإعلان الكندي للحقوق الذي ما يزال مطبقا حتى الآن.

وفي عام 1970، اعتمدت المحكمة الكندية العليا على الإعلان لإبطال بعض أحكام القانون حول الهنود باعتبارها عنصرية (قضية درايبونز Drybones).

يشار إلى أن الموقف الذي اتخذته المحكمة الكندية العليا هام جدا لأنه وللمرة الأولى تبطل فيها المحكمة الكندية العليا أحكاما تشريعية مستندة إلى نص يعود لقانون آخر وهو ما أصبح متكررا بعد اعتماد الشرعة. وكانت المحاكم قبل هذه القضية لا تبطل القوانين إلا في حالات عدم احترام تقاسم الصلاحيات بين الحكومة الفدرالية وحكومات المقاطعات.

يضاف إلى أنه في الوقت الذي دخلت فيه الشرعة الكندية حيز التطبيق كانت ثماني مقاطعات على الأقل قد اعتمدت قوانين لحماية الحقوق السياسية والحريات الأساسية.

وكانت الأولى في هذا المجال مقاطعة سسكتشوان في عام 1943 تلتها أونتاريو في عام 1962 ونوفا سكوشيا في عام 1963 وألبرتا 1966 ونيو برونزويك 1967 وجزيرة الأمير إدوارد 1968 ونيوفاوندلاند 1969 وبريتيش كولومبيا 1969 ومانيتوبا 1970 وكيبيك 1975.

تأثير الشرعة

حسب نص المادة 52 من القانون الدستوري الكندي فإن الشرعة تجعل من أي قانون فدرالي أو قانون صادر عن حكومات المقاطعات يتعارض معها غير قابل للتطبيق.

وتلحظ المادة 24 أن باستطاعة أي شخص يشعر بأنه ضحية اعتداء على حقوق اعترفت له بها الشرعة التوجه للمحاكم طلبا للعدالة.

وكانت هذه الأحكام قد سمحت منذ نحو من عشرين عاما باللجوء بشكل كبير للمحاكم المختصة لتطبيق الشرعة. ويشير القاضي ديكسون إلى أن المحكمة العليا دون سواها أعلنت بين أعوام 1984 و1995 عن أكثر من 225 حكما في قضايا متعلقة بالشرعة.

ويبلغ عدد هذه القرارات حاليا أكثر من 425 قرارا للمحكمة العليا.

وتقول قاضية أخرى من الحكمة الكندية العليا هي القاضية برتا ويلسن في كتاب صدر لها في عام 1992 تحت عنوان الشرعة بعد مرور عشر سنوات عليها إن القضاة بدأوا يتساءلون عن دورهم في مواجهة نص هذا القانون وتوصلوا لقناعة بأن عليهم أن يضمنوا بأن الحكومة الفدرالية وحكومات المقاطعات تشرع انسجاما مع الدستور التي تشكل الشرعة جزءا هاما منه.

ومن هذا المنطلق يستطيع القضاة أن يقرروا منذ الآن مدى دستورية أحكام ما تطابقا مع الشرعة وهو ما فعلوه مرات عديدة.

غير أن اعتماد الشرعة أثار وما يزال يثير مجموعة من الانتقادات، فالبعض يعتقد بأنها تغلب الطابع القانوني على العلاقة مع المواطنين بينما يعتقد آخرون بأنها تعطي كثيرا من السلطات للقضاة في وقت يعتقد آخرون بأنها ترمز لانتصار الحقوق الشخصية على الحقوق الجماعية.

من جهته يعتقد عضو مجلس الشيوخ جيرالد بودوان الذي شارك وشهد طويلا النقاش الدستوري أنه كان للشرعة تأثير كبير جدا وعميق ولا يمكن التراجع عنه بالنسبة للمواطن الكندي.

كبير جدا بسبب دستورية الحقوق والحريات التي تم وضعها بمنأى عن أي تعديل تشريعي كما هي الحال بالنسبة للقوانين العادية.

عميق إذ أن العديد من الحقوق والحريات أضحت دستورية مثل الحريات الأساسية وحق التصويت والضمانات القضائية وحقوق المساواة والحقوق اللغوية.

ولا يمكن التراجع عنه لأن الكنديين أصبحوا أكثر اهتماما بحقوقهم وحرياتهم وهم يطالبون بها ويدافعون عنها بقوة وهذا ما نشهده في رسائل عديدة وصلتنا إلى مجلس الشيوخ من قبل كنديين قلقين من مفاعيل بعض مشاريع القوانين تابع جيرالد بودوان.

ويختم بودوان أنه لا يمكن لأية حكومة العودة للوراء وإبطال الشرعة.

كما أن دخول الشرعة حيز التطبيق غيّر بشكل هام طبيعة عمل القانونيين مجبرا إياهم على تجاوز نصوص القانون ليسألوا أنفسهم حول التداعيات الممكنة لتصرفات استهدفت الحقوق الأساسية للأفراد.

من جهته يعتقد رئيس نقابة محامي كيبيك فرنسيس جرفي بأن المحامين اليوم أصبحوا ملزمين بالتفكير طويلا قبل أن يتصرفوا لأن أي لجوء للمحكمة حتى ولو كان مبنيا على معطيات صلبة يمكنه أن يرفض بسبب تغاضيه عن حقوق أساسية. وهذا ما غيّر حسب اعتقاده عمل المحامين فجعله أكثر صعوبة لأنه يلزم المحامين بتفحص كافة المسائل. إنها طريقة تفكير جديدة بالنسبة لنا وقد اصبحت بمثابة طبيعة ثانية لعملنا يختم فرنسيس جرفي.

تذكير بأنّ للشرعة حدوداً

من جهته يذكّر القاضي ديكسون بأن تأثير الشرعة ليس بدون حدود وأن مداها قابل للتضييق. وهو يستشهد بالمادة الأولى من الشرعة التي تسمح باعتماد قيود في تطبيق بعض الحقوق والحريات شرط أن تكون هذه القيود معقولة ويمكن تبريرها في إطار مجتمع حر وديمقراطي.

كما يستشهد بالمادة 33 التي تسمح لحكومة ما بعدم تطبيق بعض أحكام هذه الشرعة (أن تشذ عن تطبيقها رغم وجودها في بعض الحالات).

المصدر : RCI

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى